نازحو المخيمات العشوائية، أعباءٌ لا نهائية 

مستويات قياسية لم يسعها الشمال السوري بأعداد النازحين عشوائياً، حيث أشار تقرير صادر  عن منسقو استجابة سوريا، إلى ارتفاع أعداد النازحين في المخيمات العشوائية إلى أكثر 311 ألف شخص يتوزعون في حوالي 500 مخيم عشوائي.

من هذا المنطلق، يصعب على الأهالي النازحين اتخاذ مكان محدد مسكناً لهم وسط الهجمات العسكرية والقصف المستمر، فعليه تصبح حياتهم في ظل حركة تهجير غير مستقرة داخل الشمال السوري، مما يدفعهم إلى اللجوء لأماكن غير قابلة للعيش ومعزولة عن جميع مصادر الحياة الأساسية من مياه وكهرباء وتعليم. وبطبيعة الحال تصبح شروط الحياة لديهم أقسى وتترك على اعتاقهم أعباءٌ يَصعُبُ حملها.

مخيماتٌ منسيّة

يواجه النازحون في المخيمات العشوائية المتناثرة بين الأراضي الزراعية وأشجار الزيتون أو مجاري السيول واقعاً يصعب تحمّله، فما بين شقاء الوصول إلى مياه صحيّة لتسديد حاجاتهم اليومية وإحضار لقمة العيش لأطفالهم باتت أحلامهم بعيدة المدى، مثل إكمال تعليم أطفالهم وحصولهم على حياة كريمة دون أيّ اضطرار لعملهم. بطبيعة الحال يكون العمل هو الخيار الوحيد لطفل لم يَبلُغ الثامنة من عمره. يلجؤون إلى العمل وسط الأراضي الزراعية في البيوت البلاستيكية تحت درجة حرارة مرتفعة.

من زاوية أخرى، تصبح هذه المخيمات معزولة في الشتاء تماماً بسبب انقطاع الطرق، مع حرمانها من كل أشكال البنية التحتية، سواءً الصرف الصحي أو النقاط الطبية؛ إضافة إلى انقطاع سبُل وصول المساعدات الغذائية والإغاثية.

بحسب مدير البرامج لدى منظمة الأطباء المستقلين “أن مشكلة المخيمات العشوائية نشأت عند النزوح الجماعي من مناطق جنوب ادلب نهاية عام 2019، حيث لم يجد السكان إلا الأراضي الزراعية والمناطق النائية لإنشاء مخيمات بسيطة كمجموعات نتيجة لعدم وجود مناطق مؤهلة وجاهزة لاستقبال الأفراد، ولكنها مع الزمن بقيت على حالها بدون تهيأة أو تجهيز  في مناطقٍ نائية يصعب الوصول إليها”

حاجة ماسّة إلى الدعم الطبي

يضطر الأهالي في المخيمات العشوائية إلى قطع ما لا يقل عن 10 كيلومترات للوصول إلى أقرب نقطة طبيّة. إذ ينحصر وجود المستشفيات والنقاط الطبية في المُدن والقرى فقط.  كما تُعيق الأمطار والطرقات حركتهم في الشتاء وتصبح مغادرة المخيم شبه مستحيل عند الحالات الإسعافية الطارئة حتى. ويفتقر الأهالي إلى العلاج والدواء في مناطق المخيمات العشوائية. وفي حال تواجده يقتصر فقط على بعض الأصناف الرئيسية كمضادات الالتهاب والمسكّنات ويعود ذلك إلى شحّ الدعم وصعوبة الحصول على العلاج بسبب ارتفاع أسعارها.

ولا يفوتنا أن ننوه بحرمان الأطفال والرضع من اللقاحات الدّورية لأنها تكون مقدمة فقط للمخيمات المسجّلة. وفي واقع الأمر يخاف الأهالي من انتشار الأمراض التي تظهر بسبب الاكتظاظ السكّاني كالكوليرا والجرب.

استجابة منظمة الأطباء المستقلين

أجلّ أهدافنا في منظمة الأطباء المستقلين إنقاذ الأرواح وتخفيف معاناة السّكان المتضررين من الحروب والكوارث. بناءً على ذلك، أحد أبرز المشاريع الصحية التي تقدمها المنظمة في تقديم الاستجابة الصحية السريعة خلال حالات الطوارئ الإنسانية وحركة النزوح التي تشهدها المناطق الشمالية السورية هي العيادات المتنقلة. يبلغ عددها 5 عيادة متنقلة بكوادرها الطبية التخصصية وتقدم هذه العيادات خدمات الرعاية الأولية من معاينات، خدمات التغذية، اللقاح والأدوية.

تمثل العيادات المتنقلة أحد أنجح الوسائل التي تسعى المنظمة بالوقت الراهن لتوفيرها، لمواجهة تحديات الاحتياجات الصحية وتغيراتها المستمرة، حيث تهدف إلى الوصول للتجمعات البشرية البعيدة عن المنشآت الصحية. تعزز الفرق نظام الإحالة والذي يقوم على رصد الحالات المصابة بسوء التغذية من الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات وتحويلها إلى المشافي والمراكز الصحية القريبة ومتابعتها بشكل دوري للتأكد من عودة الحالة إلى الوضع الطبيعي.

وخلاصة القول، يستدعي الأمر حلاً جذرياً لأزمة المخيمات العشوائية  والنزوح المتكرر. الحرب مستمرة منذ أعوام، ولا تزال تخلف أعداداً كبيرة من النازحين تخطت المليوني نازحاً، تتراكم أعباء الحياة تارةً في المسكن وتارةً بالفقر والبطالة.