عقب سنوات الحرب الطويلة، وبينما يواصل القطاع الطبي جمع شتاته من أضرار الحرب والاستهداف المباشر الذي كان يرافقه على مدى السنوات. أتى الزلزال المدمّر صباح الإثنين 6 شباط الماضي وأحدث فجوة عميقة جديدة في القطاع الطبي، فيما زاد من مأساة الشعب السوري الذي يعاني من قلّة الدعم الطبي والعلاج وتوفّر الكوادر الطبية العاملة في المنطقة.  وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أدى الزلزال إلى خروج 55 منشأة صحيّة عن العمل، مع تضرر 33 منشأة توقفت عن العمل مؤقتاً. أحدهم كان مستشفى النسائية والأطفال في عفرين التابع لمنظمة   الأطباء المستقلين. احتياجات ضخمة تُهدد بالانهيار، كيف واجه القطّاع الطبي كارثة الزلزال؟

مناشدات مستمرّة بلا استجابة!

 

رغم إطلاق العديد من المنظمات المناشدات الإنسانية لتغطية الاحتياجات المتفاقمة لمنكوبي الزلزال في الشمال السوري، واجه السكان هناك المأساة لوحدهم في الأيام الأولى، دون أيّ دعم مادي أو طبي يساعد المنظمات العاملة على استيعاب الكارثة وتخفيف شدّتها. ضعف الخدمات والإمكانات المتاحة جعل الكوادر الطبية تصل الليل بالنهار لتغطية النقص الواضح الذي يعاني منه القطاع على مستوى القدرة الاستيعابية لعموم القطاع الصحي. حيث صرّح مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس غيبريسوس، عن مواجهة المنظمة صعوبة في إيصال المستلزمات الطبية إلى سوريا وتركيا في الأيام الأولى للزلزال. وقال غيبريسوس إن “أعداد القتلى في سوريا وتركيا لا تخبرنا بحقيقة الوضع الصعب الذي تواجهه العائلات”، محذّرًا من أن “فرص العثور على ناجين تتقلص مع مرور الوقت، ومع استمرار وقوع الهزات الارتدادية”.

 

كيف تصدّت منظمة الأطباء المستقلين لهذا الضرر؟

منذ اللحظات الأولى استجابت الكوادر الطبية من مختلف مراكز المنظمة إلى النداءات الإنسانية، متوجهين إلى المنشآت الطبية التي تستقبل المصابين والمرضى من عموم المناطق، عاملين بطاقتهم القصوى وسط الإمكانيات المحدودة.  وفي نفس الصدد، انطلق 25 فريقاً طبيّاً جوّالاً من المنظمة إلى خدمة المرضى وكبار السن في مراكز الإيواء بمختلف المناطق التي تستقبل العائلات المتضررة من الزلزال.

ومما لا شك فيه أن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضةً للاضطرابات النفسية في أوقات الكوارث، لذى سعينا لتقديم الدعم النفسي لهم من خلال مساحات آمنة تمكّنهم من اللعب وتلقي خدمات الدعم النفسي بأمان بعيد عن توتر الأهل المستمر، مع جولات دعمٍ نفسي للبالغين في مراكز الإيواء.

سرعة الاستجابة في أوقات الطوارئ 

يلعب عامل الاستجابة السريعة في حالات الطوارئ دوراً حاسماً في إنقاذ حياة المصابين. وعليه سعينا إلى بناء وتطوير وحدة جراحيّة متنقلة لتقديم الرعاية الصحية في مدينة جنديرس بريف عفرين. تشمل هذه الخدمة الاستشارات الطبية الحساسة، الجراحة العامة والعظمية مع صيدلية توفر الدواء مجاناً. وضمن استجابة منظمة الأطباء المستقلين الفورية انطلقت العيادات المتنقلة لتكون من أنجح أساليب الدعم الطبي المباشر للناجين، حيث كان لها الأثر الأكبر في أيام الاستجابة الأولى لكارثة الزلزال ضمن طاقمٍ طبي متكاملٍ متفانٍ في مدّ يد العون للمتضررين في المناطق المنكوبة، مع ضرورة الإشارة إلى الدور الهام الذي لعبته المنظمة في استقبال وتوزيع الدعم الطبي القادم من منظمة الصحة العالمية على الشركاء المحليين.  فاق عدد الخدمات المقدّمة في منظمة الأطباء المستقلين خلال شهر الكارثة أكثر من 86 ألف خدمة صحيّة، مع ما يقارب الـ 50 ألف خدمة في مجال الأمن الغذائي.

ومع استمرار هذه المأساة وتفاقم التحديات نؤكد أن عدم إيجاد حلول دائمة لهذا القطاع ينذر بكوارث مستمرة، وسط قطاعٍ صحي عاجز عن تقديم العلاج المطلوب أو إيجاد حل جذري يُنهي هذه المأساة.